لقد منحوني نتيجة إيجابية سيكون من الصعب منحها حتى لمواطن بريء في ظل ظروف حياة طبيعية. والنتيجة التي من شأنها أن تكون حلما للمواطن البرئ وقعت ومنحت من قبل جلادي.

الشر يزداد بقوة ويصل إلى أبعاد تتجاوز خيال كتاب ومؤلفين روايات الرعب بقدر يستحيل تخيله، حتى بالنسبة للمؤلفين للإصدارات الجديدة، أو الأصلية التي يدلي بها الأوصياء والرقباء.

وأذكر أنه كان ذلك في منتصف عام 2012 عندما أمر قاضي محكمة مقاطعة براغ الشرقية القاضي الدكتور ألويس سيلار بإجراء تحليل نفسي وعقلي لكل من زوجتي وأنا من أجل تقييم العلاقة مع ابنتنا كلير.

خلال المداولة عرض علي محامي الخاص استنتاج ونتيجة القاضي الدكتور سيلار حيث طلب من طبيب الأمراض العقلية وطبيب نفساني أجراء التحليلات كخبراء ومقيمين. وعندما نظرت إلى الأوراق، صدمت لرؤية أسماء هؤلاء الخبراء. فمن بين عشرات الأطباء والخبراء المتاحين في براغ فقط اختار القاضي “عشوائيا” شخصين أعرفهما جيدا. ويمكن الاطلاع على توقيعاتهم بحروف واضحة في حكم سيحدد المصير الذي فرضته علي مؤسسات الدولة والمحكمة في الجمهورية التشيكية . وكجزء من مافيا العدالة والشرطة الذي يرافقني  منذ فترة التسعينات، لم يقرروا مصيري فحسب، وإنما أيضا مصير ثلاثة أكراد آخرين بريئين ومخلصين. 

لم أجد أي تفسير لسبب اختيار القاضي لتلك الأسماء بالتحديد، لماذا اختار فقط هذين الشخصن بالذات. واحد منهم كان البروفسور الدكتور جان فيميتال! والآخر هو الدكتور كاريل ستيبرال.

كان ينبغي أن أكون قد لاحظت مدى السلبية من قبل البروفيسور فيميتال ، وذلك بسبب. أتذكر أنه مثل ثعبان زلق سخيف يسعى في بعض الأحيان إلى أرباحه الخاصة، وأحيانا بطرق غريبة وغير طبيعية، أنني أخشي من ساديته وكراهيته، ولهذا أسبابه فقد فعل كل ما أراد ضباط إنفاذ القانون له أن يفعل. فعل كل شيء بغض النظر عن تأثير أفعاله على الشخص الذي يخضع لتحليلاته، على جميع الأشخاص المعنيين بذلك، وعلى الذين قام بتحليلهم بشكل مأساوي إلى الأبد. وعلى أي شخص، وخاصة بعض الأكراد، الذين لا يعنون شيئا بالنسبة له!

المحامي الخاص بي كان محرجا جدا وهو يراقبني وأنا هائج ومرتبك . لم يكن يعرف ما يحدث في تلك اللحظة، لم يراني في مثل هذا الوضع من قبل ولم أستطع أن أشرح له كل التفاصيل حينها.

وبعد أن طلبت منه الحصول على كوب من الماء وتغلبت على الصدمة الأولى أخبرته أنني أعرف كل الخبراء وأنهم لعبوا دورا هاما جدا خلال 13 عاما من الملاحقة القضائية الطويلة حيث تمت مقاضاتي لأنني كنت موال ومحب للبلد الذي أستضافني وأنا أحب هذا البلد بقدر موطني الأصلي كردستان، التي أفتقدها في الواقع. كانت خطيئتي الرئيسية أن هؤلاء “الحماة” لهذا البلد المضيف لا يمكن أن يعفو بأي وسيلة.

كان الدكتور كاريل ستيبرال عضوا في الفريق المكون من ثلاثة متخصصين الذي يقوم بتحليلي كشخص يشتبه فيه كمجرم خطير، لذلك كان عليه أن يوقع على التقييم الذي قام به الخبراء الثلاثة. هؤلاء الخبراء كانوا تحت تأثير أجهزة إنفاذ القانون، أنهم يعملون كمزودين لهم، وفي ظل الضغط الهائل الذي تمارسه وسائط الإعلام الجماهيرية حيث أعطيت لأجهزة الشرطة كل المعلومات المطلوبة . وفي ذلك الوقت كنت  محتجزا في نفس الزنزانة مع القتلة الخطرين. تلك الزنزانة قدمت لي من قبل حراس ومسئولين هذا البلد كجائزة مناسبة لولائي وحبي لوطني الثاني وما بعده هي الصقوا بي مجموعة لا تصدق من أسوأ الاتهامات وفي كل لحظة كما لو كانوا يختارونها من حقيبة ممتلئة بالفقرات كما في بعض تذاكر اليانصيب. لقد كنت معزولا تماما عن العالم الخارجي.

أنا أتذكر بألم واحدا من تلك الأيام عندما اضطررت إلى الخضوع لاختبارات أخرى من قبل هؤلاء الأطباء النفسيين والعقليين. ضابط السجن الذي كان يرافقني من زنزانتي إلى المكتب حيث كان التحليل يحدث هناك كما لو كنت واحد من أكثر المجرمين خطورة أظهر لي صحيفة في المصعد وكان يبتسم بكل سرور، وقال بكل سادية: “دكتور، يبدو أنك رجل مافيا حقيقي ، أنهم وجدوا مادة السيمتكس المتفجرة في منزلك “. كانت الصحيفة التي كان يحملها تضع تلك الأخبار في الصفحة الأولى . أختباري كان في كل لحظة … كنت صامت عن الكلام، فلم أكن أعرف ماهي التهم الأخرى التى ستلقى علي، وكيف سينتهي بي الحال ولم أكن وحدي، بل كان أيضا معي ثلاثة من الأكراد الأبرياء الذين لا يعرفون على الإطلاق ما يحدث … بل أكثر من ذلك اثنان منهم لا يعرفوا حتى كلمة واحدة في اللغة التشيكية. كان لديهم أسرهم وأطفالهم الذين كانوا قلقين بسببهم، وأباءهم الذين لا يعرفون ما يحدث معهم في هذا البلد الأوروبي البعيد حيث كانوا محتجزين في السجن. أما عن عالمهم، عالم العائلات الكردية فقد اقتلع ودمر تماما لأنهم يمكنهم التعامل مع السلطات التركية حتى التعهد والتحري عن ما إذا كان أبنائهم على قيد الحياة لأن هذه السلطات التركية كانت ستضغط عليهم من أجل عدم البقاء على قيد الحياة … وكنت على يقين من أن المحاكمة كان الهدف منها تصفيتي جسديا أكثر منه نفسيا. كانت الأمور صعبة وتصل إلى أبعاد تتجاوز خيال كتاب ومؤلفين روايات الرعب بقدر يستحيل تخيله، حتى بالنسبة للمؤلفين للإصدارات الجديدة، أو المراقبين في موطن فرانس كافكا.لقد عانت تلك البلاد في ظل النازية لمدة 8 سنوات، ثم 40 عاما في ظل الشيوعية وسقطت في “مستنقع” الخصخصة.

على الرغم من هذه الصدمة وكل هذه السلسلة من الصدمات التي كانت لي تجربة معها في زنزانتي بشكل يومي الأ أنني تحملت المراقبة. وبعد بضعة أشهر رأيت البروتوكول الموقع من قبل فريق الخبراء في واحدة من الفرص النادرة عندما تمكنت من الأطلاع على أوراقي. وكانت نتائجها لا لبس فيها وواضحة تماما. بأنني شخص عاقل تماما، مصداقيتي سليمة. لم أعاني من أي مرض نفساني أو عقلي. لقد منحوني نتيجة إيجابية سيكون من الصعب منحها حتى لمواطن بريء في ظل ظروف حياة طبيعية. والنتيجة التي من شأنها أن تكون حلما للمواطن البرئ وقعت ومنحت من قبل جلادي.

وكان واحدا من أولئك الذين وقعوا عليها هو أيضا الدكتور ستيبرال.

المحامي بعد الاستماع إلى كل تلك القصة المأساوية اقترح علي تقديم أعتراض على تحيز البروفيسور فيميتال. ولكنني اعترضت، ومع ذلك، هو لم يكن قادرا على التحقيق، لماذا؟