زيلهان “أبنة نمرود”

 

 

فمن من إبراهيم كان لابد من القفز

 

 

كنا نجلس على سجادة بالقرب من أعمدة المنجنيق وكنا مندهشين أكثر من أي وقت مضى، بل أكثر من أي قصة أسطورية أخرى أو حكاية قصتها وحكتها لنا أمي بصوتها العذب المليء بالحب.

في بلدتي الأصلية فارقين (سيلفان باللغة التركية) كان اسم أمي زيلهان (زيليها باللغة التركية). هذا الاسم لم يكن شائعا في كردستان في المنطقة التي كنا نعيش فيها. أما فاركين فكانت عاصمة لمملكة ميرواني الكردية وأيضا حوالي 100 قبل الميلاد كانت عاصمة لمملكة أرمينيا.

بالنسبة لنا صدى أسم أمي كان مثل سرد قصة خرافية، مثل اسماء بعض الأميرات الغامضات. ولكنه لم يكن كذك فقط بالنسبة لنا، بل وأيضا للناس المحيطين بنا. كان أصدقاء الطفولة يسألوننا بتعجب لماذا اسم أمنا زيلهان. بعد العشاء كنا نجلس حولها، وقد اعتادت أن تحكي لنا حكاية أو أسطورة بناء على طلبنا. اعتادت أن تحكي لنا بصوتها العذب المليء بالحب مداعبة شعر أطفالها بأصابعها الرقيقة. عندما انتهت من رواية أحد القصص سألتها ذات مرة لماذا اسمها زيلهان. كنا نناديها دائما “أمي” فقط، أو دايا بالكردية، مع كل الحب والاحترام. بدلا من تفسير ذلك غنت لنا أغنية، مبتسمة بحب. وعدتنا بشرح ذلك ولكن كان علينا أن نذهب معها لزيارة مدينة أنبيائنا. وهذا جعلنا فضولين أكثر وكنا نسأل بإلحاح عندما كنا في طريقنا لرؤية المدينة الغامضة كانت تقبلنا وتعانقنا لذلك كنا ننضج أكثر ونزداد فضولا. وأخيرا يبدو أنها تعبت من أسئلتنا لذلك رتبت لرحلتنا الطويلة الموعودة. وكنا حينها في شهر أبريل ولم يكن الطقس ساخنا جدا، وكانت كل كردستان مكسوة ومغطاة بالخضرة والزهور الملونة وكانت تفيض المياه من الثلوج الجبلية. وأخذنا سيارة جيب قديمة ترجع للحرب العالمية الثانية تسمى “ويليس” وانطلقنا مع سائقنا في رحلة إلى مدينة الأنبياء.

 ووقتها كانت الدولة توجه الاقتصاد نحو تركيا. وكان من المستحيل أن تقرر وتذهب لشراء سيارة، في الواقع كانت الحياة أسوأ مما كانت عليه في بلد شيوعي. كان أبي ذكيا وكان لديه أصدقائه وحتى انه كان قادرا على الحصول على سيارة ويليس قديمة ربما كانت السيارة الثالثة أو الرابعة في بلدتنا. ذهبنا مع سائق خاص لأن أبي لا يمكنه القيادة وربما لا يريد الذهاب. لدينا سيارة ويليس بالكاد تكفينا، كنا أربعة أطفال، وأمي.

الرحلة بسيارتنا الويليس استغرقت منا يوم كامل من القيادة خلال الطرق الريفية الوعرة. كنا كأننا نقفز فوق القمر من الفرح، مستمتعين بالرياح تهب من حولنا. قبل أن نصل إلى الطريق إلى مدينة الأنبياء كان علينا أن نجتاز عاصمة كردستان غير الرسمية، أميد (ديار بكر باللغة التركية). كان الناس في ديار بكر ينظرون إلينا، ونحن ننظر إليهم وإلى والمباني الساحرة في المدينة والقصور والكنائس. بوابة واحدة قادتنا إلى المدينة و تركناها عبر البوابة المقابلة. كنا مندهشين من رؤية المدينة وقد بنيت كلها داخل أسوار تحيط بها كحصن. ذهبنا بعد ذلك على طريق البلدة الضيق صاعدين على الجبل. كانت هناك أحجار سوداء كبيرة من حولنا … مستمتعين برحلتنا تماما ولكن أمي كانت جالسة على المقعد الأمامي وتنظر إلينا باستمرار. كانت في حالة عصبية من كل شيء ولكننا كنا متحمسين جدا لاكتشاف كل شيء وكنا نقفز للأعلى ونصيح.. لقد كانت قلقة على سلامتنا لكنها لا تريد أن تفسد الرحلة. وعندما كان يظهر جرار زراعي أو شاحنة كل فترة طويلة كان سائقنا يذهب دائما إلى حافة الطريق ويسمح لهم بالمرور. كنا نقفز في سيارتنا الويليس ملوحين ونلقي على الناس في السيارارت المارة التحية، وكنا يردون علينا التحية بأبواق التنبيه الموجودة بسياراتهم بطريقة مثيرة وكنا سعداء لأنهم أجابوا على تحيتنا.

عندما وصلنا إلى قمة الجبل توقفنا لتناول الغداء عند نهر الربيع المقدس. كان الطقس باردا على قمة الجبل ولكننا تركنا السيارة وذهبنا نلهو في كل مكان وقالت أمنا أنه نهر الربيع المقدس. كانت هناك صخور سوداء ضخمة في كل مكان من حولنا وكنا ننزلق على الصخور قبل الذهاب إلى مصدر الزئير الذي كنا نسمعه من بعيد. حتى أننا لم نسأل أمي إذا كنا قد ذهبنا في الاتجاه الصحيح. لقد كان جبل كاراكاداغ، وهو بركان سابق ترك كل تلك الحجارة السوداء من حولنا، وتاركنا نهر ضخم ينفجر عبر صخوره (فقط عندما ترعرعت أدركت أنه كان مجرد تيار ولكن بعد ذلك بدا لي واسعا مثل نهر ضخم). أمي فرشت سجادة بالقرب من النهر ووضعت كل الطعام الخاص بالرحلة الذي قامت بأعداده قبل يوم من رحلتنا مع عمتي. كنا نقفز ونلهو حول النهر وأردنا اللعب في ماء النهر ولكن برودته منعتنا. كانت أمي تهدئنا بصوتها العذب قائلة إنه نهر مقدس مثل نهر دجلة. قالت لنا أن الرب خلق أربعة أنهار لجلب المياه إلى حقولنا وهذا كان واحدا من هذه الأنهار. كان من المفترض أن يكون النهر أكبر بكثير من شكله الحالي ثم اندلع حريق ضخم من الجبل، وقب هذا الانفجار كان الماء يحيط بالمنحدر بقدر كل تلك الحجارة التي رأيناها على طول الطريق من بلدة أميد. كانت الحجارة شاهدة على انفجار ضخم عندما حدث الانفجار الكبير ومنذ ذلك الحين أصبح النهر أصغر وأصغر. ومرة أخرى كنا جلسنا على السجادة حول أمي وكنا مندهشين ونحن نستمع لقصة أخرى من قصصها الرائعة. عمنا، السائق، فقط أومأ إلينا بالموافقة على قصص أمي ولوح لنا من سيارتنا.

لقد ملأنا جميع الأواني بمياه النهر المباركة وذهبنا في رحلتنا إلى مدينة الأنبياء. في كل مكان من حولنا كانت هناك قطعان من الأغنام والماعز ترعى بين الحجارة السوداء التي لا نهاية لها. لم يسبق لنا أن رأينا هذا العدد الكبير منهم معا، وعندما يصدر سائقنا صوت بوق آلة التنبيه الخاص بسيارتنا يصيب الحيوانات الذعر وكانوا يهربون وكنا نراقب هذه الكم الهائل من الحيوانات تتحرك إلى جميع الجوانب. ولوحنا للرعاة، ولوحوا لنا. ولمرة أو مرتين طلبت أمي من السيارة التوقف. وغادرت سيارتنا الجيب مقتربة من الرعاة لتعطيهم بعض الحلويات محلية الصنع ومياه النهر المقدسة. عندما كانت تغادر كانت تنحني بعمق، حتى تكاد تلمس الأرض، وتضع يدها اليمنى على قلبها ثم تمسح فمها ورأسها. وأخيرا رفعت يدها نحو السماء وقالت: “ليرحمكم الرب يا إخوتي”، ثم قالوا “أمين يا رب” معا ورد الرعاة بنفس الدعاء. ثم انحنوا قليلا، ومسحوا على قلبهم وفمهم ورؤوسهم بيدهم اليمنى ورفعوها أيديهم إلى السماء داعين لنا: “ليكن الرب معكم على طول الطريق آمين”.

كنا نراقب أمي وكنا فخورون برؤيتها تعطي الحلويات لرعاة مجهولين، وتتحدث بحرية معهم، وكنا نشعر أنهم أصدقاء لنا.

ومع حلول المساء كنا نقترب من مدينة الأنبياء. كانت أمي المسكينة تنظر إلينا أغلب الوقت وتخبرنا كيف يعيش هؤلاء الرعاة الفقراء. وأنهم عليهم أن يأخذوا قطعانهم في وقت مبكر من الصباح، عند شروق الشمس، بين كل تلك الصخور السوداء للبحث عن بعض العشب الأخضر، وكيف كانوا جميعا يجلسون في الحرارة الحارقة خلال فترة الظهيرة، وكيف أن الأغنام والماعز تعبت من كل تلك الحرارة حتى أنهم لا يستطيعون المشي بعد ذلك، وكذلك الرعاة الذين لا يمكنهم العثور على منطقة ظليلة للاختباء. حتى اليوم أستطيع أن أتذكر كل حديثها.

ثم بدأت أمي تحكى لنا قصص عن مدينة الأنبياء بأنها مدينة عدن في الكتاب المقدس التي يحميها الرب بنفسه. ستكون بها بحيرات مليئة بالأسماك حتى أن الأسماك بها أكثر من المياه ولكن لا يمكن لمسها من قبل الناس. ستكون المكان الذي يعيش فيه أحفاد سيدنا آدم والسيدة حواء.

أمي أذهلتنا وأدهشتنا مرة أخرى. كنا نعرف تماما عن آدم وحواء من حكاياتها التي تحكيها لنا كل مساء بقدر سيدنا نوح وسفينته وكيف انه توقف على جبل عال بعد الفيضانات التي غطت الأرض بالثلج والجليد من قبل الرب حتى أنه لم يتمكن إنسان من لمسها. كنا نعرف أيضا عن عدن ولكن سمعنا عن المدينة للمرة الأولى، حتى أننا لم نستطع تحمل الانتظار لرؤيتها وأخذنا نسأل سائقنا، متى سوف نصل إلى هناك؟

وأخيرا وصلنا إلى مدينة الأنبياء. في البداية شاهدنا فقط الأشجار الممتلئة بالرمان والزيتون وأشجار الفستق من حولنا والجبال العالية في جميع أنحاء المدينة على شكل نصف القمر. كنا حريصين جدا لرؤية البحيرات الممتلئة من الأسماك. ولأن الوقت كان متأخر جدا ذهبنا إلى أقارب أمي الذين استقبلونا وعانقونا حيث كنا سنمكث عندهم. وجلبوا لنا كل ما هو متاح عندهم وكانوا مندهشين جدا لمعرفتهم بأننا تمكنا من الوصول إلى هناك في يوم واحد فقط. جلبوا لنا اللبن المخفوق مع القطع الصغيرة من الزهور العائمة في ذلك وحصلنا على خبز الأم سارة، وكان الخبز الألذ والأشهى الذي تناولته.

كان الأشخاص الكبار يتحدثون طوال الليل عن الأنبياء وآدم وحواء ونوح وإبراهيم وعن نمرود الشرير. فقط نمرود كان الشخص شرير، وكان جميع الآخرين كانوا خيرين جدا ومقدسين، وفجأة خطر على بالى كيف لمثل هذا الشرير يمكن أن يعيش هنا، في مدينة الأنبياء.

في صباح اليوم التالي سألنا أمي عن قصة اسمها لأننا جئنا في الأساس لمعرفة ذلك. وداعبتنا كما هو الحال دائما وقالت لنا انها اليوم سوف تخبرنا وتشرح لنا ذلك.

غادرنا إلى الجبال مع مضيفينا. والطريق الذي ذهبنا خلاله كان حقا شاقة وكانت الرحلة متعبة جدا لذلك كنا نتوقف كثيرا، وكانت عمتي تقدم لنا باستمرار الماء البارد والحلويات وقبل أن نصل إلى قمة الجبل. كان هناك عمودان ضخمان شاهقان، بمثل طول المآذن التي كان الأتراك يشيدوها في بلدتنا.

على قمة الجبل جلسنا على السجادة التي أعطتها لنا عمتي وأخيرا بدأت أمي بصوتها العذب تخبرنا عن قصة اسمها، وعن القصة التي قطعنا كل هذا الطريق الطويل خلال الريف الصعب لأجلها.

ومن أعلى الجبل أشارت لنا بإصبعها لأسفل نحو المناظر الطبيعية. وكان هناك سهل واسع على مرمى البصر. قالت أمي لقد كانت الجنة حيث أرسل الله سيدنا آدم أولا وجده وحيدا في الجنة خلق السيدة حواء لسيدنا آدم لكي لا يكون حزينا وحيدا.

ثم سألتنا عما إذا كنا نتذكر سيدنا نوح فأجابنا على الفور نعم. وأنه قام ببناء سفينته وأخذ معه جميع الحيوانات داخلها لإنقاذهم من الفيضانات. أمي سألتنا أن كنا قد رأينا السفينة. كما وثق سيدنا نوح في ربه وفعل كل ما أمره به وهكذا لم ينقذ نفسه فقط ولكن أيضا أنقذ جميع الحيوانات. كان حفيد سيدنا نوح العظيم يدعى نمرود. وأن نمرود أخذ معطف الفراء الخاص بسيدنا آدم الذي أخذه سيدنا نوح في السفينة وحافظ عليه. لذلك أخذ نمرود معطف الفرو هذا وأصبح قويا لدرجة أنه حتى توقف عن طاعة الرب. أعطى اسمه إلى اثنين من الجبال. كان واحد منهم بعيد جدا مسيرة رحلة لمدة أسبوع على ظهر الخيل بالقرب من بلدة أديامان والآخر كان بالقرب من بحيرة فان وكان مسيرة رحلة 3-4 أيام فقط. كان الجبل الأول المكان لقضاء جزء من فصل الشتاء والثاني بالقرب من بحيرة فان كان لقضاء جزء من الصيف لأنها لم تكن ساخنة جدا هناك. وعلى قمة الجبل تقع بحيرة فان التي لا تصل إلى التجمد، حتى في فصل الشتاء. انها بحيرة ضخمة وتبقى دائما دافئة لذلك الاستحمام في البحيرة يشفي جميع أنواع الأمراض. نمرود بنى أيضا مدينة بابل العظيمة بعيدا عبر الصحراء لأنه أراد أن يكون مساويا للرب. ولكن بعد ذلك استولى عليه الشيطان وبدأ في بعمل الكثير من الآلهة الصغرى. وذات ليلة أخبره الشيطان في حلمه أن صبي سوف يولد العام المقبل في بلدة روها وعندما يكبر سوف يقتله. وفي صباح اليوم التالي أمر نمرود حراسه بقتل جميع الأولاد الذين سيولدون في ذلك العام وبدأت عملية القتل الجماعي. لكن زوجته التي تنتمي لبلدة أحاد نونا كانت حاملا أيضا. ولكنهم لم يكونوا يعرفوا ما إذا كان الطفل الذي سيولد سيكون صبي أو فتاة لذلك قرروا أن يبقي حملها سرا. وأخيرا أنجبت ولد. وأخذوه سرا إلى الجبال فوق بلدة رحا وتركوه في كهف جبلي. وكان الطفل جائعا، وأخيرا سمعت غزالة صرخات جوعه. وعلى الرغم من أنها كانت تعرف أنه طفلا من جنس بشري خطير إلا أنها كانت قريبة منه وكانت ترضعه وتغذيه على الرغم من خوفها من البشر. وفي يوم من الأيام لم يتمكن الآباء والأمهات اليائسون من التغلب والسيطرة على مشاعرهم، وذهبوا إلى الجبال لإيجاد عظام أطفالهم لدفنها. ولكنهم فوجئوا عندما وجدوا الطفل الرضيع مليء بالحياة وبصحة جيدة ويمرح ويلعب مع الحيوانات. أدركوا أن واحدا من الآلهة كان يرعاه ويطعمه وتركوه في الكهف، وعادوا بعد ذلك وأخذوا الطفل معهم عندما نسي الملك نمرود القصة وتوقف عن قتل الصبيان وأطلقوا عليه أسم إبراهيم.

 ومرت السنين حتى أصبح الصبي رجلا قويا وشجاعا وواجه والده وأيضا نمرود وحطم أصنامهم وآلهتهم التي يتعبدون إليها وصنعوها من الحجارة. صائحا بأنهم كانوا يخونون الاله الواحد.

وكان نمرود غاضبا جدا وأمر بوضع إبراهيم في سجن. وكانت زيلهان أبنة نمرود أفضل صديقة إبراهيم، كانوا مثل الأخ والأخت بالنسبة لبعضهم البعض، وكانت الوحيدة التي صدقته بأنه هناك رب واحد فقط. عندما علمت أن إبراهيم سجن ذهبت لرؤية والدها وركعت على ركبتيها متوسلة له للأفراج عن إبراهيم وليس لأي شيء آخر. لكن نمرود كان قاسيا واعتبر نفسه مساويا للآلهة. ولم يطلق سراح إبراهيم وأرسل ابنته إلى قصر الصيف، في الطرف الآخر من المدينة، حيث الجبال حول مدينة روها. كانت زيلهان الحزينة تذهب كل يوم إلى صخرة وتبكي بمرارة خوفا على إبراهيم من أن يقتل. دموعها صنعت نهرا وفي نهاية المطاف ظهرت بحيرة ونمت الزهور التي تنمو في كل ركن من أركان العالم على شواطئها، مثل أشجار الرمان والتين والمشمش والخوخ وغيرها من أشجار الفاكهة الأخرى.

أمر نمرود ببناء عمودين طويلين على جبل روها لعمل المنجنيق وحكم على إبراهيم أن يرمى من خلال المنجنيق ليس على الأرض، ولكن لإلقائه في النار. ولذلك نمرود منع الجميع من طهي طعامهم على الحطب وتسخين منازلهم وأمر بجلب كل الحطب والخشب من كل مملكته لأسفل الجبل لكي يصنع نارا أسوأ من نار الجحيم نفسها. حتى ملأ الخشب الوادي كله وكان التل المكون من الخشب في نهاية المطاف عاليا مثل الجبل. ثم أمر الملك بتحميل إبراهيم على المنجنيق ورميه إلى النار المشتعلة. لكن الرب حول النار إلى الماء وأصبحت قطع الخشب التي لا تحترق هي السمك. وجعل الرب إبراهيم لا يسقط في الماء ولكن على العشب الناعم الذي نمى في الحديقة التي تسقى بدموع زيلهان. في تلك اللحظة انضم كلا البحيرتين مع القناة الضيقة.

وبذلك أخبرتنا أمي أخيرا ماذا كان يعني اسمها، أنه نادر جدا وجميل جدا. وكنا نجلس على سجادة بالقرب من أعمدة المنجنيق وكنا مندهشين أكثر من أي وقت مضى، أكثر من أي أسطورة أخرى أو حكاية أخبرتنا أمي عنها بصوتها العذب المليء بالحب.

هذه البحيرات كانت هناك منذ ذلك الحين، ولا أحد يستطيع أن يلمس الأسماك التي تعيش بها. وفي بعض الأحيان يكون هناك المزيد من الأسماك حتى أكثر من المياه، وذلك بفضل دموع زيلهان الجميلة.

على السجاد بجانب أعمدة المنجنيق العالية فوق المدينة كنا مسحورين ومندهشين بالاستماع إلى قصة لم يكن لها مثيل في الحكايات الأخرى أو الأساطير التي أخبرتنا أمي عنها بصوتها العذب والمليء بالعاطفة والحب.

 

المدينة الكردية أود أميد (الديار بكر التركي)

 

الجبل الأول، بالقرب من بحيرة فان، حيث كان نمرود يقضي أشهر الصيف.

 

الأسماك – بحيرة

 

بحيرة زيلهان وأسماكها (التركية عين زيليها)

Zilhan dcera Nimrod – Blog iDNES.cz